Back

تعليق حول حكم هيئة توحيد المباديء بخصوص جواز الرجوع عن الاحكام الجزائية

Legal UpdatesJanuary 10, 2024

تعليق حول حكم هيئة توحيد المباديء بخصوص جواز الرجوع عن الاحكام الجزائية

-       سبق لمكتبنا وأن تقدم لمحكمة النقض بأبوظبي، بطلب رجوع عن حكم جزائي صادر عنها في دعوى جزائية إعمالاً لنص المادة الاولى فقرة ( 5) من قانون الإجراءات الجزائية، والتي أكدت على سريان قانون الإجراءات المدنية على ما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون الإجراءات الجزائية، مما مؤداه جواز تطبيق نص المادة (190) من قانون الإجراءات المدنية على الأحكام الجزائية الباتة والتي أجازت لمحكمة النقض الرجوع عن قرارها الصادر في غرفة أو حكمها البات في حال توافر أي من الحالات الواردة حصراً في تلك المادة ، وقد قررت محكمة النقض قبول الطلب شكلاً وفي الموضوع بالرجوع عن الحكم محل الطلب، مما مفاده جواز الرجوع عن الأحكام الجزائية الباتة الصادرة من محكمة النقض.

 

-       في ذات السياق تقدم مكتبنا بطلب رجوع عن حكم جزائي صادر عن محكمة تمييز دبي لتوافر إحدى الحالات الواردة في المادة 190 إجراءات مدنية، وذلك سنداً لنص المادة الأولى الفقرة الخامسة من قانون الإجراءات الجزائية؛ إلا أن محكمة التمييز بدبي قررت عدم جواز الرجوع في الأحكام الجزائية الباتة الصادرة من محكمة التمييز، وذلك على سند من القول أن أحكام المادة 190 إجراءات مدنية تسري على القرارات والأحكام التي تصدر من الدوائر المدنية دون الدوائر الجزائية ؛ بدليل أن المشرع أورد في نص المادة 190  سالفة الذكر أن المحكمة لها الرجوع عن القرار الصادر منها في غرفة مشورة وهو ما لا ينسحب الى الأحكام الصادرة من الدوائر الجزائية لان الطعون الجزائية لا تصدر في غرفة مشورة، كما أن خطاب المشرع موجه الى القرارات والأحكام الصادرة من الدوائر المدنية فقط، والقول بغير ذلك يُعد مخالفة للقانون وإجتهاد غير جائز إزاء صراحة النص وتوسعاً في تفسيره، بإعتبار أن نص المادة 190 إجراءات مدنية هو استثناء لا يجوز التوسع فيه، فضلاً عن ان الحكم الجزائي الصادر من محكمة التمييز لا سبيل للرجوع فيه إلا في حالات التماس إعادة النظر فقط . 

 

-       وبذلك يتضح أن مبنى التعارض بين المبدأين يرجع الى الخلاف حول تطبيق نص المادة 190 من قانون الإجراءات المدنية على طلبات الرجوع في المواد الجزائية إذ إتجهت محكمة النقض ـ ومعها المحكمة الاتحادية العليا في أحكامها ـ الى جواز رجوع المحكمة ـ عن الحكم الجزائي البات، في حين إتجهت محكمة تمييز دبي على عدم جواز الرجوع عن الحكم الجزائي البات الصادر عنها.

 

-       إزاء ذلك التناقض، تقدم مكتبنا بطلب ـ الى النائب العام الاتحادي ـ ليقوم بدوره بتقديمه الى هيئة توحيد المبادئ القضائية والمحلية ، لتوحيد المبدأين المتعارضين من محكمة نقض أبوظبي ومحكمة تمييز دبي على النحو المار بيانه، بإعتبار أن تلك الهيئة تختص بتوحيد المبادئ القضائية النهائية المتعارضة الصادرة عن محكمتين أو أكثر من المحاكم العليا في الدولة في المسألة الواحدة، بحيث يكون المبدأين قد تصادما وقت تقديم الطلب بما يتعذر تغليب أحدهما على الآخر وإجتماع تنفيذهما معاً بما يستوجب على الهيئة أن تحسم هذا التعارض بالمفاضلة بين المبدأين المتعارضين أو التوفيق بينهما من حيث الأثر القانوني على المنازعات المتعلقة بهذين المبدأين المتعارضين.

 

-       بناء على ذلك الطلب قررت هيئة توحيد المبادئ القضائية الإتحادية والمحلية ترجيح مبدأ جواز الرجوع عن الأحكام الباتة الصادرة من المحاكم العليا في المواد الجزائية ، وذلك تحقيقا للعدالة وإصلاحاً لما يشوب بعض الأحكام الباتة وتوحيداً لكلمة القانون ، ولكون الفقرة ( 5) من المادة الاولى من قانون الإجراءات الجزائية أجازت تطبيق أحكام قانون الإجراءات المدنية على ما لم يرد فيه نص خاص في قانون الإجراءات الجزائية، بإعتبار أن قانون الإجراءات المدنية هو الشريعة العامة التي تحكم المسائل الإجرائية، ولأن الرجوع عن الأحكام الصادرة من محكمة التمييز ليس إستثناء وإنما هو وسيلة للإصلاح القضائي الذي تباه المشرع الإماراتي على غرار الأنظمة العربية والمقارنة في العديد من الدول، وبالتالي لا يقتصر على الأحكام المدنية وإنما يشمل الأحكام الجزائية أيضاً، وأخيراً أن قضاء دولة الإمارات إستقر علي الأخذ بنظام الرجوع عن الأحكام الباتة الصادرة من المحاكم العليا في المواد المدنية والتجارية على السواء قبل تقنين نظام الرجوع في قانون الإجراءات المدنية.

 

-       وبذلك تكون هيئة توحيد المبادئ القضائية الإتحادية والمحلية قد أجازت المبدأ القائل بجواز الرجوع في الأحكام الجزائية، وهو ذات المبدأ الذي أكده مكتبنا في طلب الرجوع المقدم منه أمام محكمة التمييز، وتقدم به بموجب طلبه الى النائب العام الإتحادي لعرضه على الهيئة .

Contact us